طباعة هذه الصفحة
الثلاثاء, 21 شباط/فبراير 2023 15:36

واقعية المشهد...مقهى المنتدى بين الأصالة والعراقة

العقبة اليوم-د. فائق فراج

مقهى المنتدى يرتبط تاريخياً ومكانياً بجبل القلعة الأثري والذي يأتيه السياح من الخارج والداخل لأن بداخله آثار الرومان واليونان ، وفي الصيف يزداد عدد زواره لموقعه السياحي ، والمنتدى في إحدى زواياه يقدم الأرجيلة بأنواعها والمشروبات الساخنة والباردة ، وصاحب هذا المقهى (أبو زكي) صاحب الابتسامة الدائمة والمتابع لما يجري في المقهى بين الزبائن ، ولا تراه إلا في ابتسامة لطيفة يتناقلها مع الزبائن مع بعض حركات الاستفزاز الاجتماعية من أجل الدعابة ، ولا تؤخذ مأخذ الجد بل للتسلية .
أما أحمد (ويطلق عليه اسم (الPro) هكذا ينادونه من يرتادون المقهى ما عدا شخص واحد لا يعترف به ، ومع أن أحمد أنيق في لبسه ودمث الخلق ويقوم بإعداد المشروبات الساخنة والباردة بكل اقتدار من خلال تجهيزه لكل طلبات الزبائن ، ونظافة أدائه بسرعة ودقة متناهية ، وتراه يلاسن زبون ويتحدث مع آخر بروح إيجابية ، وأنا شخصياً معجب بأدائه وعمله لأنه مخلص في هذا العمل ويتقنه جيداً .
أما (ورد)استاذ صناعة رأس التمباك فائق ، يقال إنه خبير في أدائه مع أنه كثير الاستفزاز ، ولكن صناعة نفس الأرجيلة يمسح عيوبه وعمله متقن جداً بالاضافة إلى اهتمامه بالأراجيل ونظافتها دائماً .
وأما الزبائن في داخل هذا المنتدى فأصبحوا قريبين جداً من بعضهم البعض فنجد أبو فراس مثلاً يكون ملهفاً على نفس الأرجيلة مع أنه ليس خبيراً فيها وهو يؤكد على نفسه أنه خبير ويقول أنه صياد في البر وأنا لا أستطيع أن أصدقه ومع كل هذا يتمتع بروح رياضية جميلة ومرحة ومحباً الخير لغيره ،وجلسته ممتعة ، ولكنه يصضر على أنه  رقم (1) في شرب الأرجيلة .
ونأتي إلى المختار عنوان الصدق والمحبة وعلاقته الراقية مع جميع الزبائن وأعتقد أن هذه صفة موجودة أصلاً فيه لأنه يقوم بحل المشاكل الاجتماعية والعطوات وفض النزاع بين القبائل والمتخاصمين ومعروف منذ سنين طويلة على أرض الوطن .
أما (أبو عدي )صاحب الروح الجميلة والصوت الذي يتكرر دائماً على طاولة اللعب بأسلوب دعابي مريح حتى أصبحت تعليقاته على الطاولة يرددها زبائن المقهى بين الوقت والآخر.
(وأبو كمال) صديق مصري وكأنه ضمن دائرتنا بمرحه وابتسامته ويحاول من يستفزه بين الحين والآخر ولكن تجده يستقبل كل هذا بأريحية تجعلك تحترمه وتقدر وجوده.
وأما(عيد) فحين يدخل المقهى تشعر بوجوده وكأنه يقول للحاضرين : هل منكم من يريد ملاقاتي على حلبة المصارعة ؟ولكن داخله طيب للغاية ومع أنه يناكف بعض الزبائن إلا أنهم يستقبلونها بروح رياضية مرحة .
ومن بين الحضور شاب اسمه(محمد الصوص)سائق تكسي لكنه مشكلجي يحب الإثارة بين فترة وأخرى من أجل المرح والدعابة والتسلية ويحب المشاكسة ولكنه أبيض القلب .
ويأتي للمقهى مجموعة من السائقين الذين يتنقلون بين سوريا والأردن من أجل التسلية ومهما طلبت منهم في سفرهم يقومون بالواجب الاجتماعي .
وحتى هنالك من يأتي للمنتدى مجمعة من الشباب من أندونيسيا يلعبون الشدة وأخرى من الفنانين بين فترة وأخرى في نهاية الأسبوع.
كل هذا من أجل الاستمتاع والتسلية  وقضاء وقت الفراغ على أساس أن الظروف القاسية التي مرت منذ سنوات قليلة أثرت تأثيراً سلبياً على الحياة الاجتماعية وهي محاولة للنسيان وإطفاء الضغط النفسي حتى لا ينعكس على الحياة بشكل كامل ويعلق عليه حياته المستمرة .
إن هذا المنتدى(المقهى) يعتبر مدخلاً للتفريغ النفسي اليومي الذي يعانيه الانسان والذي يعيش تحت مظلة الألم والضغط وبالتالي يتوجب البحث عن وسيلة ومنفذ للتخلص من التراكمات المؤذية ، والتي إذا استمرت من الممكن أن توقفه عن تحقيق حتى أقل أهدافه .
إن مقهى المنتدى يقدم خدمة نظيفة وثقافية واجتماعية لكل من يرتاده ويتعود القدوم إليه يومياً وهو في حالة مريحة.
نسيت أن أذكر بعض الزبائن والذين يرتادونه يومياً فمنهم رجل في متوسط العمر يأتيه بين فترة وأخرى بلباسه التقليدي القديم (لباس آبائه وأجداده )ويدخل المقهى وهو فخور بذلك وكأنه يقول لنا أنه يترجم علاقته مع المنتدى والأصالة والعراقة مع أصالة وعراقة اللباس القديم وهذا تراث نفتخر به .
وهذا ما يفعله (أبو عيسى) الذي يعطي معنى للعراقة والأصالة .
أما صديقنا والذي أعرفه من مقهى آخر فقد أصبح من رواد هذا المقهى ، وأول من يصل إليه يضع الرجيلة بفمه ثم يذهب في سبات عميق المهم أن البربيش بفمه وأنه يحقق مراده .، انه (أبو علي) وهو رجل محترم .