طباعة هذه الصفحة
الإثنين, 21 حزيران/يونيو 2021 10:11

لساني للكاتب عبد الهادي المجالي

 

 

 

 

الكاتب:عبدالهادي راجي المجالي

..... ياما (قرطت لساني) في طفولتي، وياما صرخت ألما...كنت أتناول الطعام على عجل، ولا أترك مساحة زمنية بين اللقمة والأخرى، ونتيجة للسرعة كان لابد أن أعض على لساني بطريق الخطأ..وكان لابد أن ينزف دما.

 

كل الأشياء تعالج، حين تجرح وحين تنزف..وحين تلعب في وهج الشمس وينزف أنفك...حين تجرح قدمك بفعل الشوك، وحين تقفز عن السور...وتنسى مراقبة نفسك وتعلق الأسلاك الشائكة في بنطالك...وحين تتعرض (لفشخة) من حجر طائش...إلا اللسان كيف يعالج؟

 

اللسان لا تستطيع وضع ضمادة عليه، ولا تقوى على دمله بالقهوة..مثلما كانت أمهاتنا تفعل حين نتعرض (للفشخات)، واللسان لايوضع عليه (اليود) من أجل تعقيم الجرح...

 

العلاج كان يتم باستنشاق الهواء والبكاء، وأفضل وأنجع أمر لمداواة (قرط اللسان) كان يتم عبر (شلن) يوضع في جيبك وتنتهي المسألة تماما...

 

ذات يوم شاهدت مذيعا تعرض (لقرطة لسان)، ولكنه أكمل النشرة دون أن ينتبه أحد من المشاهدين للأمر، وذات يوم حدثت مع زميل لي حين كنا على منسف..وعبرت القصة، أنا وحدي من لاحظ الأمر وضحكت مطولا...حين شرب الماء بسرعة... ولا أعرف هل نزف لسانه بفعل (القرطة) أم لا؟...للعلم هنالك أناس يخجلون من ذكر الأمر، ويمضون...بالمقابل البعض يفصح.

 

المهم في الأمر أن (قرطة اللسان) هي قصة شخصية بين أسنانك ولسانك..ولا دخل لأحد فيها..بعكس الإصابات الأخرى التي تتعرض لها في الجسم أو الرأس فهنالك مسبب..وهنالك أداة وحدث...

 

مؤخرا صرت (أقرط لساني) كثيرا وأنا أكتب، مع أني لا أتحدث مع أحد ولا أمارس الأكل..ولا يوجد معي غير السيجارة وفنجان القهوة...وصدقوني أنني أتألم كثيرا....تخيلوا حتى وأنا في غفوة عميقة اول أمس، أحسست بلسعة في فمي وحين أفقت تبين أني (قرطت لساني)...وقبلها بأسبوع، كنت مع نفسي على بلكونة الدار وحدي من دون أحد...أراقب الحمام، وفجأة شعرت بتلك اللسعة الغريبة ونزفت...لم أخبر أحدا، غسلت فمي وعاتبت لساني...

 

وتسألني يا صاحبي أمس لماذا تلوذ بصمتك؟...ضجت القرح بلساني يا صاحبي...لم يعد بإمكاني النطق... يا صاحبي ! وتسألني لماذا كل هذا الصمت ؟