زيارة المرضى في المستشفيات بين المنع وأداء الواجب
البريزات: إمكانية نقل العدوى
العتوم: ضرورة التقيد بالمواعيد
عمان-عبدالحافظ الهروط
زيارة المرضى في المؤسسات الطبية، قديمة وليس وليدة اليوم ، ولكنها ازدادت في السنوات الأخيرة لتزايد أعداد المرضى من خلال النمو السكاني وكثرة الحوادث بمختلف أنواعها وانتشار الأمراض. في الأردن، بمحافظاته وأقضيته وألويته تواجه هذه المؤسسات، وخاصة الرسمية منها، مشكلة تدفق أعداد المراجعين، ما شكّل ازعاجاً وضغطاً على الكوادر الطبية والإدارية والخدمات اللوجستية. كما بتنا نرى تجمعات من الزوار يقضون ساعات وأياماً (داخل حرم) المؤسسات من مشاف ومراكز صحية وعلاجية، وقد احضروا الأطعمة والمشروبات الباردة والساخنة ومستلزمات الجلوس لغاية المبيت. قد تبدو هذه الظاهرة مستغربة، ولكن الحديث عنها، يوازي ظاهرة أُخرى، وهي زيارة المرضى من قبل ذويهم وأقربائهم وأصدقائهم، حيث تأتي كثيراً في ظروف تستدعي فيها حالة المريض إلى عدم الزيارة لتأثير سلبي على صحته. صحيح أن إجراءات مثالية اتخذتها ادارات بعض المؤسسات الطبية عندما وفرت أماكن لهؤلاء المراجعين، لظروفهم الاقتصادية حيث يأتون من خارج العاصمة، إلا أن زيارات المرضى لم تنقطع، وأحياناً، يأتي الزوار في غير أوقاتها، رغم تحذير الأطباء بآثارها على حياة المريض والتي يمكن إرجاؤها عند تحسن شفائه، سواء في المستشفى أو في منزله. حول هذه الظاهرة، في جانبيها الصحي والاجتماعي، تحدث لـ الرأي النائب الدكتور عبدالهادي بريزات، ومدرّسة علم الاجتماع، رئيسة مركز دراسة المرأة في الجامعة الأردنية، ميسون العتوم .
يقول البريزات، معروف أن الزيارات للمرضى تتم بشكل تطوعي في الغالب، وتحكمها رابطة القربى والعلاقات الاجتماعية والواجبات الإنسانية والدينية. والأساس أو الهدف من زيارةالمريض هو التأمل في المشاعر المشتركة وقضاء بعض الوقت الدافئ معه والإطمئنان على صحته، وتزويده بالإلهام والمشاعر الإيجابية التي يمكن أن تساعده في مواجهة وتخفيف مرضه والشفاء العاجل له. ويضيف، إلا أن المطلوب من الزائر اختيار الوقت المناسب للزيارة وتخفيف وقت الجلوس عند المريض وغض البصر والتقليل من طرح الأسئلة، واظهار الاهتمام به، بما في ذلك في الجانب النفسي، إذ المطلوب ايضاً، أن يوسع الزائر للمريض في الأمل، وأن يشار عليه بالصبر لما فيه من جزيل الأجر. ويرى النائب الطبيب البريزات أنه عندما يكون المرضى في حالة من التشويش في الوعي أو في حالة من الغيبوبة، وكذلك المرضى الذين هم على أجهزة التنفس الاصطناعي ويُعتقد انهم لا يسمعون الحديث، فيجب أخذ الحيطة والحذر في الحديث على مسمعهم إلا ما هو إيجابي، حيث انه من الممكن أن يكونوا في بعض المراحل من الحالة الصحية يستطيعون السماع ولكن لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم بأي شكل من الأشكال. ويبين أن هناك خطورة عالية تحدث في بعض الزيارات وهي نقل العدوى من الزوار إلى المنطقة التي يوجد فيها المريض أو تنتقل العدوى مباشرة للمريض نفسه، أو يحدث العكس من المريض إلى الزائر!. ومن خلال تجربته الطويلة بالعمل في المجال الطبي، يقول البريزات : واجهت بعض الكوادر الطبية في المؤسسات التي يعملون بها، حالات تمثلت بقيام بعض المرافقين او الزوار بمحاولة العبث بسرعة اعطاء المحاليل والأدوية المشبوكة على المريض ظناً منهم أن الزيادة في كميتها وسرعة تدفقها هو في صالح المريض!. ومن الحالات أيضاً، كما يقول البريزات، محاولة العبث بأجهزة التحكم والمراقبة المثبتة على المريض، وهذه من السلوكات السلبية التي يقدم على فعلها بعض الزائرين للمرضى الذين تربطهم بهم رابطة الدم وعلاقة القربى، وبالتأكيد هذه تصرفات خاطئة، لا بل مرفوضة. يُذكر أن النائب البريزات شغل مديراً عاماً لمستشفى البشير ومستشفى الأمير حمزة، بالإضافة إلى : -مدير مديرية المركز الأردني لزراعة الأعضاء. -رئيس اختصاص الجراحة في وزارة الصحة. -رئيس اللجنة الفنية العليا في قانون المسؤولية الطبية. -رئيس جمعية الجراحين الأردنية، قبل أن يخوض انتخابات مجلس النواب العشرين.
من جهتها، ترى الدكتورة العتوم ، أن الزيارات للمرضى يجب أن تأخذ طابع التنظيم، ولاننا مجتمع شرقي له عاداته وتقاليده فإنه لا يمكن أن يغفل عن تأدية واجباته الإنسانية والدينية، وعلى عكس الثقافة الغربية التي تُشعِر المريض بأنه في عزلة أو غربة في المستشفيات والمراكز العلاجية، وحتى في منزله، ولا يجد من يعوده. وتشير إلى أن هذه الفردية بالنسبة للثقافة الغربية، على نقيض من مفهومنا الشرقي سواء في جانبه الاجتماعي أو الإنساني أو الديني، حيث تجتمع هذه الجوانب الثلاثة، عند زياراتنا للمرضى. كأفراد وجماعات ننتمي لمجتمع اردني أو عربي. وتؤكد د. العتوم( عضو سابق في مجلس الأعيان) ضرورة أن تكون الزيارات منتظمة، وليست على حساب أحوالهم الصحية للمرضى. وتزيد، أن الزيارات للمرضى فيها استشفاء للنفس، إذ لا يمكن سلخ الجسد عن سياقه، وفيها رفع لمعنويات المريض، وإبعاده عن شعور العزلة، بالإضافة إلى تعزيز للعلاقات الطيبة معه وذويه. كما تلفت إلى أن بعض الزيارات التي يكون لها تبعات سلبية، فمن خلال نشر الثقافة الاجتماعية وتفهم المجتمع وأخذ الدروس منها، ستكون تلك التبعات قابلة للتغيير، يضاف إلى ذلك، ابتكار أفكار جديدة نقبل بها، حال بعض الطقوس التي تغيرت لدينا في مناسبات العزاء والأفراح، لتصب في النهاية بمصلحتنا الحياتية. وكان عدد من ذوي المرضى قد عبّروا عن شكرهم للزوار، والتزامهم بتعليمات الكوادر الطبية بعدم الزيارة، فيما دعا شقيق وابن شقيق المريض( أ.ج. ق) وهو دكتور عميد متقاعد من القوات المسلحة ويرقد في مدينة الحسين الطبية، أن يكون الاطمئنان عن صحة المريض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتنوب عن الحضور الشخصي في مثل هذه الحالات الحرجة.
الرأي