ماذا بعد تحريم الدخان؟
عبدالحافظ الهروط
أحسنت وزارتا الأوقاف والصحة، صنعاً في إقامة ندوة علمية حول الدخان، فيما تُوِّجت بتأكيد تحريمه في فتوى وردت على لسان مفتي المملكة. نعلم أن مثل هذه الندوة المهمة، بل المهة جداً، ستذهب أدراج الرياح، حال ندوات كثيرة، وهي لا تلقى في عالمنا العربي والإسلامي بالاً، إلا من اتعظ بها على مستوى الأفراد. الندوة التي تحدث فيها وزيرا الأوقاف والصحة، الدكتور أحمد الخلايلة والدكتور فراس الهواري، بيّنا فيها مقاصد الشريعة الإسلامية والضرر الصحي لتعاطي هذه المادة السرطانية، وأن الأردن بات في أول ثلاثة مراكز بمستويات التدخين في العالم!. وعندما يعيدنا المتحدث مفتي المملكة الدكتور أحمد الحسنات إلى "أن أول فتوى أصدرها الأردن بحرمة التدخين كانت عام ١٩٨١ كما أن قراراً صدر عن مجلس الافتاء عام ٢٠٠٦، بالتحريم استخداماً وبيعاً وصناعة وكل ما يتعلق بهذه النبتة"، فماذا وعسى أن نكون في الأردن فاعلين؟!. وللصدفة، وقبل عقد هذه الندوة، بيومين، فقد استوقفت أحد شيوخ الدين، مستئنساً برأيه، كيف يمكن لمجتمعنا الأردني، الذي تغلب عليه نسبة الشباب، بمحاربة هذه الآفة، فأشار إلى أنه يجب مخاطبة كل مدخن بالإقناع، وتبيان ضرره الصحي والاقتصادي، وأن يكون للتجار دور بعدم التعامل به، تاركاً الحديث حول تحريمه أو أنه مكروه، لوجهات نظر دينية عديدة . وفي هذا المقام ، أستذكِرُ ايضاً، مناشدة وزير الصحة الأسبق الدكتور زيد حمزة، لرئيس تحرير الرأي المرحوم الاستاذ محمود الكايد، وهو يدعوه لإزالة إعلان يحمل صورة لدخان منتج عالمي، كان ملصقاً على الصفحة الأولى، معتبراً أن هذا الإعلان ترويج ويشجع قطاع المدخنين ومنهم الشباب، على شرائه، فاستجاب له الكايد، رغم المردود المالي للإعلان في ذلك الحين. نعلم جميعاً أن جُلّ المدخنين، لم يصغوا، لا للتحريم ولا للضرر الصحي، وأن شريحة واسعة من الشباب والشابات على وجه الخصوص، يدخنون بشراهة، مع أنهم من المعطَّلين من العمل، أي لا يهمهم وضعهم الاقتصادي، طالما هناك من يوفر لهم شراءه، مثلما أن التجار سيضعون أصابعهم في آذانهم!. ويظل السؤال الصعب: هل سنكون بانتظار قرار رسمي وشعبي يسند ما دعت اليه وأظهرته الندوة، بحيث نحاصر هذه الآفة المستشرية، ونقلل من أضرارها، بإقلاع عنها وإقناع الذين يواجهون "الإنتحار السرطاني"؟. لعلها البداية، وإن تأخرت في ظل ما يجري ونرى من تدمير للنفس وهدر للمال.
الرأي