العقبة اليوم
-أ.د. فائق فراج
يقول المواطن الأردني بكل أطيافه ...هَزُلَت ثم هَزُلَت ثم هَزُلَت ثم هَزُلَت ثم هَزُلَت آلاف المرات لماذا ؟ ؟! ومع اقتراب موعد الانتخابات لمجلس النواب كثر القيل والقال والأحاديث الجانبية وقليل منها إيجابية لأن المجالس السابقة لم تحقق إلا القليل لمصلحة هذا المواطن . ويحدثني أحد المواطنين بنبرة فيها سخرية وهو يشاهد صور المرشحين الملتفة حول الأعمدة وفي الطرق الرئيسية ويقول أول شيء عن الابتسامات التي يوزعها المرشحين من خلال صورهم المعروضة وكأنهم أكثروا من استخدام بياض الأسنان لتبدو الابتسامة بكل وضوح وقاموا بتفصيل البدلات الرئيسية الجذابة حتى تظهر (الكاريزما)لشخصية المرشح في أعلى جودة وبالتالي من الممكن أن يؤثر الشكل بكامل على اختيار ممكن وضمن احتمالات الاختيار . ومواطن آخر يقول :كيف لي أن اختار نائباً سبق وأن فاز في الدورة الماضية وحين سأله بعض الأصدقاء في حفلة غداء كيف نجحت وأنت لا تملك برنامجاً انتخابياً ولا تعرف مجريات السياسة الداخلية والخارجية ولم يكن لك موقفاً في الأحوال التي تجري في هذه الأيام . فأجابهم وبكل غرور وعنجهية : نعم أنا نجحت بفلوسي وأخبركم بأن الحذاء الذي ألبسه الآن سعره أغلى من صوت المواطن وهو يعرف أن هذا الانسان (المواطن) احترمه الله وأخبره بأنه سيكون على هذه الأرض من أجل إعمارها ، واحترام الله سبحانه وتعالى للذات الانسانية لا تقدر بثمن وبالمقابل نجد هذا النائب والذي فاز سابقاً وقد جهز نفسه لخوض الانتخابات الحالية والتي لم يبق على البدء بها سوى أيام قليلة . نعم استطاع هذا النائب أن يسخر من قيمة المواطن ويقلل من احترامه باستخدامه المال الأسود وعن طريق أعوانه الموزعين في جميع منطقته وتوزيع الباصات التي تنقل المواطنين إلى مقر الاقتراع بعد أن تدفع لهم قيمة الصوت . هل يحق لهذا النائب أن يستخدم هذه الوسائل التي تحقر قيمة الانسان وتستغل ضعفه في مواجهة حياته الاقتصادية . ومواطن أخر يقول : أحد المرشحين يضع عبارة (نحن الحل ) ويديه مرتبطتين مع بعض وفعلاً أنا رأيتها ولكني لم أفهم ولم أستطع أن أحلل نوايا هذا المرشح الذي بيده مفاتيح كل المشاكل التي يواجهها المواطن ، وبقي عليه أن يضع عبارة أخرى يقول فيها (أنا سأحقق لكم النصر وحل قضية فلسطين ) وكثير من المواطنين تحدثوا عن خفايا كثيرة ولا أستطيع أن أحصيها ولكن الحقيقة غير ذلك وأغلبية من يرشحون أنفسهم يبحثون عن تحقيق الذات حتى لو كانت الوسيلة منافية للمبدأ والأخلاق والدين. أحد النواب في الدورة السابقة وهو الآن من المرشحين في المنطقة وقبل شهر يكتب لافتة بانه افتتح يوم طبي لأهل المنطقة وعمل هذا سابقاً عندما فاز في الدورة السابقة . ماذا يعني هذا الجهد المزعوم والذي يخلو من أي واجب انساني ممكن أن يكون من خلال المراكز الصحية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة أو من خلال جمعية خيرية وضمن مبادراتها وأمثلة كثيرة ليس في عمان بل في معظم مدن وقرى وبادية المملكة . وحتى المنافسة بين المرشحين يبدو فيها مغالطات واختراقات لبعضهم البعض ويكون ذلك من خلال سلوكيات لا يرضى عنها الله سبحانه وتعالى وكذلك الإيذاء لأشخاص محددين إذا تلعثموا بحوارهم ضد مرشح وكأننا في عصر الزعرنة والتي يجب أن لا تكون . أنا أطالب باحترام المواطن وقدراته العقلية واحترام انسانيته التي منحها إياه الله سبحانه وتعالى والابتعاد عن الوسائل المؤذية التي تعكر أجواء الانتخابات وخلينا نشعر بديمقراطية حقيقية عسى أن ينجح من يستحق النجاح ومن لديه المبدأ الذي لا يمكن أن يتجزأ من أجل تحقيق الذات ولو عن طريق الشر . أزعجني بأن أحد المرشحين لهذه الدورة يخبر الناس بأنه سينجح 100% لأنه مدعوم اتركونا من هذه الخزعبلات ويدعم قوله أن شخصيات مهمة في البلد دفعته لترشيح نفسه ومع أنه لا يملك مقومات المرشح الذي يجب أن يكون إلا بالبدلة الرسمية وابتسامته المزيفة ؟ وياريت أن يكون قلبه أبيضاً مثل ابتسامته ونظيفاً في تفكيره مثل بدلته وحذائه اللي أغلى من صوت المواطن . نريد العقلانية من مواطن هذا الوطن واختيار الصحيح دون عوامل أخرى وحتى نمنع النخاسين والحرامية أصحاب الأجندات الخاصة أن يحققوا الفوز والتحكم بالمواطن واحتياجاته . وعلى المواطن أن يرفض المال السياسي الأسود لأنه في النهاية تقليل من قيمته ووزنه في هذا المجتمع كما حكى بها صاحب الحذاء سابقاً . على المواطن أن يجد لنفسه مكاناً في دائرة الاحترام ولا يتخلى عن أي حق من حقوقه ورأسه مرفوعة لا تقبل الإهانة والذل تحت أي تأثير ، وهذا لن يكون إلا إذا تحمل المواطن مسؤوليته كاملة في مواجهة حسن الاختيار اعتماداً على ربه دائماً مع الثبات في موقفه المشرف والاختيار الأنسب وليس من خلال أبواق الدعاية الكاذبة المنمقة بثياب المال الأسود والذي ينتهي مفعوله في حينه . اعتمد العقل والمنطق أيها المواطن ولا تخجل من المطالبة بحقك باحترام والدولة منحتك هذا الحق فلا تتنازل عنه تحت أي مغريات كاذبة سوداء . المواطن القانون الدستور يحفظ له حقه في حسن الاختيار وبالتالي عليك أن تقوم بواجبك في هذا الاختيار ولكن بعقلانية ودون تأثير خارجي ومن مبدأ ( لا تطلب مني الاحترام والتقدير ـ إذا لم تكن لديك القدرة على احترام نفسك) ويجب المحافظة على هذا الاحترام وتبقى في دائرته وتوقف أي شخص يحاول إخراجك من هذه الدائرة والتي معناها أن الله سبحانه وتعالى احترمك وجعلك خليفة في الآرض .